العمل في الاسلام آدابه ونواياه
فضل العمل فى الاسلام
آداب ونوايا
وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الاخرة ولا تنسى تنصيبك من الدنيا
الاسلام يحث على العمل الشريف
وينهى عن التواكل
يد العامل يحبها الله ورسوله
بالنسبة للطاعات
يقول صلى الله عليه وسلم : " أفضل العمل أدومه وإن قل " .
وكان إبراهيم بن أدهم يسقي ويرعى ويعمل بالكراء ويحفظ البساتين والمزراع ويحصد بالنهار ويصلي بالليل.
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا وسول الله: ما ينفي عني حجة العلم؟ قال: العمل. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " . وقال الأوزاعي: إذا أراد الله بقوم سوءاً أعطاهم الجدل ومنعهم العمل.
كل الناس هلكى الا العالمون
والعالمون هلكى الا العاملون
والعاملون هلكى الا المخلصون
والمخلصون على خطر عظيم
وأنشد يقول:
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه … ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل
وقال
بعض الحكماء: لا شيء أحسن من عقل زانه حلم، ومن عمل زانه علم، وإن حلم
زانه صدق. ودخل بعض الخواص على إبراهيم بن صالح وهو أمير فلسطين فقال له: عظني. فقال له الولي: بلغني رحمك الله أن الأعمال الأحياء تعرض على أقاربهم الموتى، فانظر ماذا تعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عملك. فبكى إبراهيم حتى سالت دموعه. وقيل: من جد وجد، وأنشدوا في المعنى:
إني رأيت وفي الأيام تجربة … للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يحاوله … واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
وتقول العرب: فلان وثاب على الفرص، وقال بعضهم:
وإني إذا باشرت أمراً أريده … تدانت أقاصيه وهان أشده
وعن أنس رضي الله تعالى عنه: يتبع الميت ثلاث. يرجع اثنان، ويبقى واحد، يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ولا يرجع عمله. وقال بعضهم: العمل سعي الأركان إلى الله، والنية سعي القلوب إلى الله،
والقلب ملك والأركان جنود ولا يحارب الملك إلا بالجنود، ولا الجنود إلا
بالملك. وقيل: الدنيا كلها ظلمات إلا موضع العلم، والعلم كله هباء إلا موضع
العمل، والعمل كله هباء إلا موضع الإخلاص، هذا هو العمل.
وأما
الكسب: فقد جاء في تفسير قوله تعالى: " وعلمناه صنعة لبوس لكم " . "
الأنبياء: 80 " أي دروع من الحديد، وذلك أن داود عليه الصلاة والسلام كان
يدور في الصحاري فإذا رأى من لا يعرفه تحدث معه في أمر داود، فإذا
سمعه عابه بشيء يصلحه من نفسه، فسمع يوماً من يقول: إني لا أجد في داود
عيباً إلا أنه يأكل من غير كسبه، فعند ذلك صلى داود عليه الصلاة والسلام في
محرابه وتضرع بين يدي الله تعالى وسأله أن يعلمه ما يستعين به على قوته، فعلمه الله تعالى صنعة الحديد وجعله في يده كالشمع، فاحترفها واستعان بها على أمره وسار يحكم منها الدروع. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جعل رزقي تحت ظل رمحي فكانت حرفته الجهاد " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب العبد المحترف " . وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى يبغض العبد الصحيح الفارغ " . وقال عليه الصلاة والسلام: " من اكتسب قوته ولم يسأل الناس لم يعذبه الله تعالى يوم القيامة " . ولو تعلمون ما أعلم من المسألة لما سأل رجل رجلا شيئاً وهو يجد قوت يومه، وليس عند الله أحب من عبد يأكل من كسب يده إن الله تعالى يبغض كل فارغ من أعمال الدنيا والآخرة. وعن أنس رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من بات كالا في طلب الحلال أصبح مغفوراً له " . وعن الحسن رحمه الله: كسب الدرهم الحلال أشد من لقاء الزحف. وقيل لمحمد بن مهران: إن هاهنا أقواماً يقولون نجلس في بيوتنا وتأتينا أرزاقنا، فقال: هؤلاء قوم حمقى إن كان لهم مثل يقين إبراهيم خليل الرحمن فليفعلوا، وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. وقال أيضاً: إني لأرى الرجل فيعجبني، فأقول: أله حرفة، فإن قالوا لا، سقط من عيني، واشترى سليمان وسقاً من طعام وهو ستون صاعاً فقيل له في ذلك فقال: إن النفس إذا أحرزت رزقها أطمأنت، قال بعضهم في السعي:
خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة … إن الجلوس مع العيال قبيح
وقيل: إن أول من صنع لسان الميزان عبد الله بن عامر، وكان الناس إنما يزنون بالشاهيني. وعن أنسى رضي الله عنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا رسول الله: سعر لنا، فقال: إن الله الخالق القابض المسعر الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس أحد يطلبني بمظلمة ظلمته بها في أهل ولا مال.
وأما ما جاء في العجز والتواني: فقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: من أطاع التواني ضيع الحقوق، ومن العجز طلب ما فات مما لا يمكن استدراكه وترك ما أمكن مما تحمد عواقبه.
قال الشاعر:
على المرء أن يسعى ويبذل جهده … ويقضي إله الخلق ما كان قاضيا
ومثله قوله:
على المرء أن يسعى ويبذل نفعه … وليس عليه أن يساعده الدهر
وقيل:
احذر مجالسة العاجز، فإنه من سكن إلى عاجز أعداه من عجزه، وأمده من جزعه
وعوده قلة الصبر. ونساه ما في العواقب، وليس للعجز ضد إلا الحزم، وقال بعض العلماء: من الخذلان مسامرة الأماني ومن التوفيق بغض التواني: وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " باكروا في طلب الرزق والحوائج فإن الغدو بركة ونجاح " . وقال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: احرص على ما ينفعك، ودع كلام الناس فإنه لا سبيل إلى السلامة من ألسنة الناس، وقال علي رضي الله تعالى عنه: التواني مفتاح البؤس، وبالعجز والكسل تولدت الفاقة ونتجت الهلكة، ومن لم يطلب لم يجد وأفضى إلى الفساد. وقال حكيم: من دلائل العجز كثرة الإحالة على المقادير. وقال
بعض الحكماء: الحركة بركة والتواني هلكة والكسل شؤم، وكلب طائف خير من أسد
رابض ومهت لم يحترف لم يعتلف. وقيل: من العجز والتواني تنتج الفاقة. قال هلال بن العلاء الرفاء هذين البيتين من جملة أبيات:
كأن التواني أنكح العجز بنته … وساق إليها حين زوجها مهرا
فراشاً وطيئاً ثم قال لها اتكي … فإنكما لا بد أن تلدا الفقرا
وقال آخر:
توكل على الرحمن في الأمر كله … ولا ترغبن في العجز يوماً عن الطلب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزه … جنته ولكن كل رزق له سبب
وسأل معاوية سعيد بن العاص عن المروءة فقال: العفة والحرفة. وكان أيوب السختياني يقول: يا فتيان احترفوا فإني لا آمن عليكم أن تحتاجوا إلى القوم، يعني الأمراء. وقال رجل للحسن: إني أنشر مصحفي فأقرؤه بالنهار كله، فقال: أقرأه بالغداة والعشي ويكون يومك في صنعتك وما لا بد منه. ومر رحمه الله تعالى بإسكاف، فقال يا هذا: اعمل وكل، فإن الله يحب من يعمل ويأكل ولا يحب من يأكلا ولا يعمل، وقال أبو تمام:
أعاذلتي ما أحسن الليل مركباً … وأحسن منه في الملمات راكبه
ذريني وأهوال الزمان أقاسها … فأهواله العظمى تليها رغائبه
أرى عاجزاً يدعى جليداً لقسمه … ولو كلف المقوى لكلت مضاربه
وعفا يسمى عاجزاً بعفافه … ولولا التقى ما أعجزته مذاهبه
وليس بعجز المرء أخطأه الغنى … ولا باحتيال أدرك المال كاسبه
وقال آخر:
فلا تركن إلى كسل وعجز … يحيل على المقادر والقضاء
وقال أعرابي: العاجز هو الشاب القليل الحيلة الملازم للأماني المستحيلة. ويقال: فلان يخدعه الشيطان عن الحزم، فيمثل له التواني في صورة التوكل، ويريه الهوينا بإحالته على القدر. وقال لقمان لابنه: يا بني إياك والكسل والضجر، فإنك إذا كسلت لم تؤد حقاً وإذا ضجرت لم تصبر على حق. وقال أبو العتاهية:
إذا وضع الراعي على الأرض صدره … فحق على المعزى بأن تتبددا
فالتواني: هو الكسل وتضييع الحزم وعدم القيام على مصالح النفس وترك التسبب والاحتراف والإحالة على المقادير، وهذا من أقبح الأفعال.
وأما
التأني: فإنه خلاف التواني، وهو الرفق ورفض العجلة والنظر في العواقب. وقد
قيل: من نظر في عواقب الأمور سلم من آفات الدهور. ومما جاء في ذلك قوله
تعالى: " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " . " طه: 114 " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أعطى حظه من الرفق أعطى حظه من الدنيا والآخرة " . وقال
عليه الصلاة والسلام لعائشة: " عليك بالرفق فإن الرفق لا يخالط شيئاً إلا
زانه ولا يفارق شيئاً إلا شانه " . وفي التوراة: الرفق رأس الحكمة. وقالوا: العقل أصله التثبت وثمرته السلامة. ووجد على سيف مكتوباً: التأني فيما لا يخاف الفوت أفضل من العجلة في إدراك الأمل. وقال بعض الحكماء: إذا شككت فاجزم وإذا استوضحت فاعزم. وقالوا: يد الرفق تجني ثمرة السلامة، ويد العجلة تغرس شجرة الندامة، وأنشدوا في ذلك:
قد يدرك المتأني بعض حاجته … وقد يكون مع المستعجل الزلل
وقالوا: التأني حصن السلامة والعجلة مفتاح الندامة. وقالوا: إذا لم يدرك الظفر بالرفق والتأني. فبماذا يدرك؟. وقال المهلب: أتاة في عواقبها درك خير من عجلة في عواقبها فوت. وقالوا: من تأنى نال ما تمنى. والرفق مفتاح النجاح. وقال
بعض الحكماء إياك والعجلة فإنها تكنى أم الندامة، لأن صاحبها يقول قبل أن
يعلم ويجيب قبل أن يفهم، ويعزم قبل أن يفكر، ويحمد قبل أن يجرب، وإن تصحب
هذه الصفة أحد إلا صحب الندامة وجانب السلامة.
وأما الصناعات والحرف وما يتعلق بها: فقد روي عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عمل الأبرار من الرجال الخياطة، وعمل الأبرار من النساء الغزل " . وكان صلى الله عليه وسلم يخيط ثوبه ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويعلف ناضحه وقال سعيد بن المسيب: كان لقمان الحكيم خياطاً. وقيل: كان إدريس عليه السلام خياطاً. ووقف علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على خياط، فقال له: يا خياط ثكلتك الثواكل، صلب الخيط ودقق الدروز، وقارب الغروز، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يحشر الله
الخياط الخائن وعليه قميص ورداء مما خاط وخان فيه، واحذر السقاطات، فإن
صاحب الثوب أحق بها، ولا تتخذ بها الأيادي وتطلب المكافأة " . وقال فيلسوف: إن من القبيح أن يتولى امتحان الصناع من ليس بصانع. وفي الحديث: " أكذب أمتي الصواغون الصباغون وكذب الدلال مثل " . وقالوا: لكل أحد رأس مال ورأس مال الدلال الكذب. وقال عبد الرحمن بن شبل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " التجار هم الفجار، فقيل: أليس الله تعالى قد أحل البيع؟ قال: نعم. ولكن يحدثون فيكذبون، ويحلفون فيحنثون " . وقال
الفضيل: بخس الموازين سواد في الوجه يوم القيامة، وإنما أهلكت القرون
الأولى لأنهم أكلوا الربا وعطلوا الحدود ونقصوا الكيل والميزان. وقال
مجاهد في قوله تعالى: " وأتبعك الأرذلون " . " الشعراء: " 111 " . قيل هم
الحاكة والأساكفة. وقيل: إن حائكاً سأل إبراهيم الحربي ما تقول فيمن صلى
العيد ولم يشتر ناطفاً ما الذي يجب عليه؟ فتبسم إبراهيم، ثم قال: يتصدق بدرهمين، فلما مضى قال: ما علينا أن نفرح المساكين من مال هذا الأحمق. وقيل لرجل: هل فيكم حائك؟ قال: لا. قيل: فمن ينسج لكم ثيابكم؟ قال: كل منا ينسج لنفسه في بيته. وكان أردشير ابن بابك لا يرتضي لمنادمته ذا صناعة رديئة كحائك وحجام، ولو كان يعلم الغيب مثلا. وقال كعب: لا تستشيروا الحاكة، فإن الله تعالى سلب عقولهم ونزع البركة من كسبهم، لأن مريم عليها السلام مرت بجماعة من الحياكين، فسألتهم عن الطريق فدلوها على غير الطريق، فقالت: نزع الله البركة من كسبكم، وقال أبو العتاهية:
ألا إنما التقوى هي العز والكرم … وحبك للدنيا هو الذل والسقم
وليس على عبد تقي نقيصة … إذا صحح التقوى وإن حاك أو حجم
ذات يوم ذهب رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله أن يعطيه شيئًا من المال أو الطعام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أما في بيتك شيء؟).
قال الرجل: بلى، حلس (كساء) نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب (إناء) نشرب فيه من الماء؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ائتني بهما). فأتاه الرجل بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: (من يشتري هذين؟) قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال صلى الله عليه وسلم: (من يزيد على درهم؟) قالها مرتين أو ثلاثًا، فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري، وقال له: (اشْتَرِ بأحدهما طعامًا فانبذْه إلى أهلك، واشترِ بالآخر قدومًا فأْتني به). فأتاه به، فَشَدَّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودًا بيده، ثم قال للرجل: (اذهب فاحتطب وِبعْ، ولا أَرَينَّك خمسة عشر يومًا).
فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا وببعضها طعامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا خير لك من أن تجيء المسألة نُكْتةً (علامة) في وجهك يوم القيامة. إن المسألة لا تصلح إلا
لثلاثة: لذي فقر مدقع (شديد) أو لذي غرم مفظع (دَين شديد) أو لذي دم موجع) [أبوداود].
***
جلس الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صباح أحد الأيام، فرأوا رجلا قويَّا، يسرع في السير، ساعيًا إلى عمله، فتعجب الصحابة من قوته ونشاطه، وقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله (أي: لكان هذا خيرًا له) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحًا لهم أنواع العمل الطيب: (إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان) [الطبراني].
فالإسلام دين العمل، وهو عمل للدنيا، وعمل للآخرة. قال تعالى: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} [القصص: 77]. وقد أمر الله -سبحانه- بالعمل والسعي في الأرض والأكل من رزق الله، فقال تعالى: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 15].
وحثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على العمل، فقال: (اعملوا فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِقَ له) [متفق عليه]. وكان الأنبياء جميعًا -عليهم الصلاة والسلام- خير قدوة لنا في العمل والسعي، فما من نبي إلا ورعى الغنم، وكان لكل نبي حرفة وعمل يقوم به، وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأعمال المختلفة، ولم يتميز عليهم كما حدث في بناء المسجد أو حفر الخندق، فكان يحمل التراب والأحجار.
وللعمل والسعي على الرزق آداب يجب على كل مسلم أن يتحلى بها، منها:
استحضار النية: المسلم يبتغي من عمله إشباع البدن من الحلال وكفه عن الحرام، والتقوِّي على العبادة، وعمارة الأرض.
عدم تأخير العمل عن وقته: المسلم يقوم بأعماله في أوقاتها دون تأخير، وقيل في الحكمة: لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد.
التبكير: قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)
[الترمذي وابن ماجه وأحمد].
الجد في العمل: المسلم يذهب إلى عمله بجد ونشاط، دون تباطؤ أو كسل، فمن جَدَّ وجد، ومن زرع حصد. قال الشاعر:
بقـدر الكَدِّ تُكْتَســب المعـــالي
ومـن طـلب العــُلا سـهر الليالــي
ومـن طـلب العــلا مـن غيـر كَـد
أضاع العمر فــي طلـــب المــُحَالِ
إتقان العمل: المسلم يتقن عمله ويحسنه قدر المستطاع. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) [البيهقي] وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولْيَحُدَّ أحدُكم شفرته؛ فلْيُرِح ذبيحته) [مسلم].
التواضع: الكبر في الأمور كلها مذموم، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)
[أبو داود والترمذي وأحمد]. فلْيتواضع كل رئيس لمرءوسيه، ولْيتعاون كل مرءوس مع رئيسه، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحـسنة؛ فقد كان يعاون أصحابه فيما يقومون به من عمل، ويساعد أهله في تواضع عظيم.
عدم الانشغال بعمل الدنيا عن العبادة والطاعة: المسلم يعمل لكي يحصل على الكسب الطيب له ولأسرته، وهو عندما يعمل يكون واثقًا من تحقيق أمر الله؛ إذ يقول: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 15].
وإذا كان العمل لاكتساب الرزق وإعفاف النفس عن المسألة عبادة في
حد ذاته، فإن ذلك لا يشغلنا عن طاعة الله فيما أمرنا به من سائر العبادات.
ذات يوم ذهب رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله أن يعطيه شيئًا من المال أو الطعام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أما في بيتك شيء؟).
قال الرجل: بلى، حلس (كساء) نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب (إناء) نشرب فيه من الماء؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ائتني بهما). فأتاه الرجل بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: (من يشتري هذين؟) قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال صلى الله عليه وسلم: (من يزيد على درهم؟) قالها مرتين أو ثلاثًا، فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري، وقال له: (اشْتَرِ بأحدهما طعامًا فانبذْه إلى أهلك، واشترِ بالآخر قدومًا فأْتني به). فأتاه به، فَشَدَّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودًا بيده، ثم قال للرجل: (اذهب فاحتطب وِبعْ، ولا أَرَينَّك خمسة عشر يومًا).
فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا وببعضها طعامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا خير لك من أن تجيء المسألة نُكْتةً (علامة) في وجهك يوم القيامة. إن المسألة لا تصلح إلا
لثلاثة: لذي فقر مدقع (شديد) أو لذي غرم مفظع (دَين شديد) أو لذي دم موجع) [أبوداود].
***
جلس الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صباح أحد الأيام، فرأوا رجلا قويَّا، يسرع في السير، ساعيًا إلى عمله، فتعجب الصحابة من قوته ونشاطه، وقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله (أي: لكان هذا خيرًا له) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحًا لهم أنواع العمل الطيب: (إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان) [الطبراني].
فالإسلام دين العمل، وهو عمل للدنيا، وعمل للآخرة. قال تعالى: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} [القصص: 77]. وقد أمر الله -سبحانه- بالعمل والسعي في الأرض والأكل من رزق الله، فقال تعالى: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 15].
وحثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على العمل، فقال: (اعملوا فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِقَ له) [متفق عليه]. وكان الأنبياء جميعًا -عليهم الصلاة والسلام- خير قدوة لنا في العمل والسعي، فما من نبي إلا ورعى الغنم، وكان لكل نبي حرفة وعمل يقوم به، وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأعمال المختلفة، ولم يتميز عليهم كما حدث في بناء المسجد أو حفر الخندق، فكان يحمل التراب والأحجار.
وللعمل والسعي على الرزق آداب يجب على كل مسلم أن يتحلى بها، منها:
استحضار النية: المسلم يبتغي من عمله إشباع البدن من الحلال وكفه عن الحرام، والتقوِّي على العبادة، وعمارة الأرض.
عدم تأخير العمل عن وقته: المسلم يقوم بأعماله في أوقاتها دون تأخير، وقيل في الحكمة: لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد.
التبكير: قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)
[الترمذي وابن ماجه وأحمد].
الجد في العمل: المسلم يذهب إلى عمله بجد ونشاط، دون تباطؤ أو كسل، فمن جَدَّ وجد، ومن زرع حصد. قال الشاعر:
بقـدر الكَدِّ تُكْتَســب المعـــالي
ومـن طـلب العــُلا سـهر الليالــي
ومـن طـلب العــلا مـن غيـر كَـد
أضاع العمر فــي طلـــب المــُحَالِ
إتقان العمل: المسلم يتقن عمله ويحسنه قدر المستطاع. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) [البيهقي] وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، ولْيَحُدَّ أحدُكم شفرته؛ فلْيُرِح ذبيحته) [مسلم].
التواضع: الكبر في الأمور كلها مذموم، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)
[أبو داود والترمذي وأحمد]. فلْيتواضع كل رئيس لمرءوسيه، ولْيتعاون كل مرءوس مع رئيسه، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحـسنة؛ فقد كان يعاون أصحابه فيما يقومون به من عمل، ويساعد أهله في تواضع عظيم.
عدم الانشغال بعمل الدنيا عن العبادة والطاعة: المسلم يعمل لكي يحصل على الكسب الطيب له ولأسرته، وهو عندما يعمل يكون واثقًا من تحقيق أمر الله؛ إذ يقول: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 15].
وإذا كان العمل لاكتساب الرزق وإعفاف النفس عن المسألة عبادة في
حد ذاته، فإن ذلك لا يشغلنا عن طاعة الله فيما أمرنا به من سائر العبادات.
نية المرء خير من عمله
والنية تقلب العادة الى عبادة
البعد عن العمل الحرام: المسلم يختار عملا لا يتعارض مع أصل شرعي، فلا يعمل في بيع الخمور أو فيما شابه ذلك.
الأمانة: المسلم أمين في عمله؛ لا يغش ولا يخون، ولا يتقاضى رشوة من عمله وهو حافظ لأسرار العمل، ويؤديه على أكمل وجه، وكذلك صاحب العمل عليه أن يحفظ للعاملين حقوقهم؛ فيدفع لهم الأجر المناسب دون ظلم، ولا يكلفهم ما لا يطيقون من العمل، كما أنه يوفر لهم ما يحتاجون إليه من رعاية صحية واجتماعية.
البعد عن العمل الحرام: المسلم يختار عملا لا يتعارض مع أصل شرعي، فلا يعمل في بيع الخمور أو فيما شابه ذلك.
الأمانة: المسلم أمين في عمله؛ لا يغش ولا يخون، ولا يتقاضى رشوة من عمله وهو حافظ لأسرار العمل، ويؤديه على أكمل وجه، وكذلك صاحب العمل عليه أن يحفظ للعاملين حقوقهم؛ فيدفع لهم الأجر المناسب دون ظلم، ولا يكلفهم ما لا يطيقون من العمل، كما أنه يوفر لهم ما يحتاجون إليه من رعاية صحية واجتماعية.
No comments:
Post a Comment
السلام علیکم ورحمة الله وبرکاته
ښه انسان د ښو اعمالو په وجه پېژندلې شې کنه ښې خبرې خو بد خلک هم کوې
لوستونکودفائدې لپاره تاسوهم خپل ملګروسره معلومات نظراو تجربه شریک کړئ
خپل نوم ، ايمل ادرس ، عنوان ، د اوسيدو ځای او خپله پوښتنه وليکئ
طریقه د کمنټ
Name
URL
لیکل لازمی نه دې اختیارې دې فقط خپل نوم وا لیکا URL
اویا
Anonymous
کلیک کړې
سائیٹ پر آنے والے معزز مہمانوں کو خوش آمدید.